الجمعة، 3 يونيو 2011

لملت اوراقك ...



لملمت اوراقك من حجرتي واحرقت باقي اشيائك التي تركتها قبل رحيلك ...
استجمعت ذكرياتي معك واقفلت عليها في ركن مظلم من اركان عقلي حيث يلتقي اللاشعور باللاعقل ...
بخرت جسدي ببخور بشع حتى ينسى عبق رائحتك ومسحت عن قلبي الغبار الذي تراكم بفعل حبك ...
هذا ما فعلت حين قررت ان انساك وان اتجاوز مرارة هجرك !!
عذرا فلم اعتقد انك قادر على ان تتجرأ على قلبي الذي اواك ...
لم اعتقد انك ستنسى بهذه السلاسة وانك ستتجاوز طعم الحب الذي اذقتك ...
هجرك لي لم يحزني بقدر ما صعقتي برود وداعك وكأن الايام التي عشناها بقدر ما حملت من حب ليست بالنسبة اليك الا كأوراق اسقطها الخريف في عتمة المساء ...
اين انا من قلبك ؟ من روحك ؟ من وجدانك ؟
انا في منطقة الضياع حيث خبئت غدرك الذي ارى ...
قتلت قلبي بسكاكين خيانتك وعلمتني ان اثق بالحجر ولا اثق بالبشر ... فبعض الوجوه وان بدت بريئة تختفي خلفها الذئاب وبعض الاسنان وان بانت ناصعة البياض يقطر منها الدم ...
لن اركع ، لن اخضع ، لن استسلم في غيابك لان الاقدار التي اتت بك ستهب علي بغيرك ، ولأن الحياة دائرة مستمرة ، ولأن قلبي صمم ان يقوى حتى يخنقك او يموت ...

7-2-2007
كتبت في الخامسة صباحا

الجمعة، 25 مارس 2011

شياطين وملائكة


بكى ... متلحفا بالقدر ... ومتدثرا بذكريات رجل اعتصر اضلاعه ... وتزمل بترانيم انشدها لرجل سيأتي في مستقبله لم يعتصر اضلاعه بعد ...
هلوس ... هلوس بأسماء رجال دفنهم ... وتلعثم في ذاكرته بوردة حمراء تلقاها وما زال يحتفظ بأوراقها المجففة منذ ثمان سنين ... وزفر آهات اطلقتها نفسه ذات الاشجان في دولاب الزمن ....
وفي غضون بكاءه وتدثره وتزّمله وهلوساته وتلعثمه ... بقيت صورة قلبه الجريح تتحدى القدر وسنين عمره الاربعة والعشرين ما زالت تنظر الى المجهول بنظرة حانية ....
جلد جلده ... جلده بسوط من نار ودماء ... علّه ينسى شيخوخة قلبه ...
خلع اظافره وانامله بآله حادة وقطر بعضا من الدماء على جسده متلذاذ بخمر سكبه عليها ليضفي الكحول عليها حرقة وحرارة تمتص حرارة جسده وتركزها في منطقة واحدة بدلا من تركزها في جميع ارجاء جسده المشتت ...
جسده .. الذي اصبح خريطة لانفعالات القدر ولمشيئة الخالق قبل نفسه ...
باع جسده للشيطان عله يرى الملاك وسمع قهقهات مريبة تختلط بضحكات متناسية مصيره وبيعته ...
كذب على نفسه مع انه ما زال بالرغم من شيخوخة قلبه وغضاضة جسده لا يتقن فن الكذب .... اوهم نفسه بانه بذلك العذاب يرفق بجسده ويخرجه بهلوسات الماركيز دو ساد من عالم جرائم الحب وتعاسة الفضيلة الى واقع الحياة المر ...
شرب ما بقي من زجاجة الخمر دفعة واحدة ... نعم حرقه حلقه ... نعم تسارع نبض قلبه ... نعم تفتقت جروحه ... فبكى ... بكى مجددا ..
بكى الحياة ... بكى أولئك الذين ماتوا ... بكى كآبته ... بكى مفتاح قلبه الذي رماه يوما مع رسالة بزجاجة مغلقة في نهر التايمز اللندني ...
مل من بكاءه ... فتح نافذته ... القى بنفسه من شقته ...
رمى نفسه بدون ان يهتم للمطر المنهمر ... بدون ان يلقى بالا لبرودة الثلج وقسوته ....
وبينما هو ملقى هناك ... على ارض لندن ... الثلج من تحته ... والدماء تنسكب من راسه على الثلج الابيض ... ارتعش رعشة اخيرة مبتسما لان الصفقة تكللت بالنجاح ... فقد رأى الملاك الذي باع جسده للشيطان من اجل ان يراه ...

الأحد، 6 مارس 2011

وداعا يا أبي

والدي ... بابا ... او " بابي " كما كنت احب ان اناديك :

ما زلت لا افهم وانا ابن الاربعة وعشرين عاما كيف هي الحياة وكيف هو القدر ...
ما زلت لا اعي حكمة الله في كثير من الامور التي تدور حولي ...
ما زلت لا افقه كنه الموت وكراهية النفس وصدق الدعاء وما انفككت متشبثا بافكاري الطفولية عنك ...

كنت اهرع اليك وانا صغير فتحتويني بذراعيك المبسوطتين لي حين احتاج الى حضنك ... تغيم عيونك مع عيوني الدامعة حين اطلب لوحا من الشوكولا لا اجده وتذوب عيونك مع كرى اثقل جفوني حين كنتَ تقص علي قصة المساء ...
كنت تشعرني بحب ابوي حانٍ برغم مشاغلك الكثيرة وعشت معك لحظات لا انساها ...
هل تذكر مرة عندما ضربت رنا من اجلي ؟ هل تذكرني عندما اخذتني لاول يوم في المدرسة ؟ هل تذكر كيف عانقتني عندما مات جدي وكأنك كنت تدفن حزن فراقه في صدري ؟ وهل تذكر عندما كنت تغضبني فاغضب منك وتستميت لإرضاءي ؟

ومرت السنين ... وكبرت انا يا والدي ... اصبح زهر عمري ربيعا زاهي الالوان ... وكبرت انت ايضا واصبح ربيع عمرك خريفا ، ابتعدت عن امي ثم عن نزار ثم عن رنا ولميس ثم ابتعدت عني انا ، وانا كما كنت تسميني : قرة عينك و " كتكوتك المدلل " ....
اخترت ان تبتعد يا والدي بروحك ... اصبحت منشغلا باموالك وبنساءك وبعلاقاتك وبخمرك ...
لم اعد انا " تامر المدلل " ولم تعد امي " رفيقة العمر " ولم يعد نزار " سندك وبكرك " ولم تعد لميس " حبيبة قلبك " ولم تعد رنا " قيثارة حياتك" ....
لم نعد مهمين في وجودك وانت لم تعد محورا مهما في وجودنا ... لم اعرفك في سنيني الاخيرة ... لم اناجيك ولم ابكي معك ولم اخبرك باسراري ولم اتعلم اسرار الرجولة منك ...
كنت بالنسبة لنا جميعا البنك الذي يدر المال فقط ... كنت سعيدا بذلك وكانت جملتك الشهيرة حين نعاتبك : " ما حدا الو دخل مدام كل واحد كل الي بدو اياه بلاقيه " ...

وفي يوم لم تطلع عليه شمس يا ابتِ ... طلقت امي بعد ان طلبت منك ذلك لانها اكتشفت احدى علاقتك الغرامية بالدليل القاطع ... جننتها ... المرأة الوقور صبغت شعرها اشقر وارادت ان تلحق بما بقي من سنين عمرها ... طلقتها قبل ان تخلعك ... لم تعتذر لها او لي ... وكأنك كنت سعيدا بأن تقطع آخر حبل يصل اشلاء عائلتنا الممزقة ....
وحين انهيت الثانوية العامة ... رحلت عنك ... وعن امي .. وعن اردنيّ الغالي ... ذهبت الى بريطانيا وانا اكرها ضبابها ... اكره شوارعها ... اكره ناسها واكره بردها ... لم تودعني ... لم تعانقني ... لم تشكرني على انني رفعت رأسك والتحقت باعظم كليات الطب في العالم ثم انتظمت انا في دراستي ... لم ارك بعدها ... كان ما يجمعني بك رسائل قصيرة وايميلات الكترونية موضوعها الرئيس موعد تغذية حسابي المصرفي ...

وفي مثل هذا اليوم في عام 2009 ... تلقيت مكالمة من امي تخبرني فيها بانك رحلت ... سكتة قلبية كانت كافية لان تهد جبروتك وتجبرك ....
للآن ... لا اصدق رد فعلي حين تلقيت خبر موتك ... ضحكت بهستيرية تختلط معها الدموع وعرفت انني بالرغم من كل كرهي لك الا انني فعلا لم اكرهك ...
بكيت وانتحبت وكان معاوني على قضاء الليلة التي تسبق سفري لعمّان لاودعك الى مثواك الاخير شراب من النبيذ الاحمر شربته امام المدفأة وانا اسمع صوت احتراق الاخشاب ويحترق معها اخر نبض نابض بالحياة في قلبي ...
امتني يا والدي وانا وقتها ابن الاثنان وعشرون عاما ... شاخ قلبي بموتك بعد صفعات كثيرة تلقيتها على وجهي من كف الحياة ورحمة الخالق بي ...
وحينما حل الصباح ذهبت الى المطار بحالة مزرية ... ولأنني اكنّ كل الاحترام للالوان اتشحت بالسواد من رأسي الى اخمص قدمي ... احسست وقتها وكأنك زوجي ولست ابي فأنا حزني كحزن النساء وعشقي كعشق النساء ...
قضيت اربع ساعات في الطائرة استحضرت فيها كل ذكرياتي معك في طفولتي ... ذكريات كثيرة اخبرني عقلي بها ان سنين طفولتي هي اجمل ما قضيت معك وذكرني منطقي المرير بها ان سنين شبابي هي ابشع ما قضيت معك ...
اخبرني منطقي يا والدي بأنني تغيرت في سنين شبابي كما تغيرت انت ... اخبرني بانني غدوت رجلا ولست ذلك الطفل الذي اعتدت ان تربت على كتفه كلما المّت به لائمة ....
وحين كانت الطائرة تحط على ارض الاردن سامحتك ... وحين خطت قدماي على ارض المطار نزلت بغروري وكبريائي وقبلت الارض التي اشتقت الى رائحتها وبكيت على شوقي وعلى فقدانك ...
وحين عانقت خالتي التي ذهبت الى المطار لتعزيني لان امي لم ترد ان يكون السائق هو اول ما ارى بعد موتك ، احتضنتها وانا اخبرها بانني سامحتك مجددا ...
وحين عانقت امي بعد ان وصلت الى البيت وانا الذي لم تجف لي دمعة طوال الطريق اخبرتها انني لم افقدك اليوم بل فقدتك منذ سنين ...
امي التي خنتها وطلقتها كانت تبكي عليك كما لو كنت ما تزال زوجها ... كانت تبكي سنين الحب التي مضت بينكما ... كان شعرها الذي شقرته من قبل قد عاد اسودا وكانها رجعت الى وقارها وسامحتك او كأنها ارادت ان تحد عليك حتى في لون شعرها ...
لم يبكك احد يا ابي ... غيري وغير امي ورنا ولميس ... حتى نزار ابنك واخي لم يبكي عليك !! زوجتك مي هي الاخرى لم تبكك !
لم يترحم عليك احد من الخدم الذي كنت قاسيا اشد القسوة معهم ...
لم اسمع احد يصبر امي بأن مثواك الجنة أو ان اعمالك الخيرة الكثيرة التي لم تفعلها أو ان صدقاتك التي لم تهبها أو ان زكاتك التي لم تخرجها أو ان صيامك الذي لم تصمه أو ان صلاتك التي لم تصليها كافية بان تدرأ عنك عذاب جهنم
لم اسمع عليك بكاء .. لم اسمع عليك رحمة ... لم اسمع عليك دعاء ... فقط صوت القرآن كان يُتلى عبر مكبرات الصوت لاحد المشايخ وكان كفيلا بأن يغسل وجع قلبي ولا يغسل خطاياك ...
وحينما ذهبت الى قبرك بعد يوم هالني منظر التراب المحدد بعدد قليل من الحجارة حتى ينتهي الحجّار من عمل قبر رخامي لك ... هالني انك فعلا اصبحت تحت الارض بمترين او اكثر ... هالني انك يا صاحب القصور تعيش في حجرة عرضها متر وطولها متران ... هالني انك يا أبي في ذلك المنزل ...
ارتميت على قبرك ولطخت وجهي بترابه ... اخذت حفنات منه وضممتها الى صدري وكأنني احضنك .. احضن سنين غيابك .... احضن كلماتك التي لم تقلها لي ... احضن فقداني لك ... احضن حكمة الله التي اماتتك ... احضن شوق السنين ولهفة الحنين وابكي مرارا شاكيا همي من الشرايين ...
سامحتك يا ابي ... اعتقتك من اثمي .... من اثم تربيتي ... من اثم عدم وقوفك جنبي حين احتجتك فتوجهت الى اناس ضيّعوا حياتي باحثا فيهم عن حنانك الذي لم اجده عندك ....
لو كنت اعرف يا أبي الناس الذين ظلمتهم لذهبت اليهم بيتا بيتا وشخصا شخصا ليعتقوك ايضا ...
لو كنت اعرف يا ابي ان الموت كان سيأخذك لتقربت اليك رغما عنك ولحضنتك رغما عنك وللحقتك الى اي رحلة من رحلات عملك رغما عنك ولتركت الرسائل القصيرة والايميلات الالكترونية واستعضت عنها بمكالمات هاتفية اسمع فيها صوتك وايضا رغما عنك ...

رحمك الله ... سامحك الله ... نور الله ظلمتك وظلمة قبرك ... سامح الله روحك ...
ادعو لك دوما في صلواتي ولا انسى مرارة فراقك ... مرارة لم تمحها الايام ولم ينسنيها السهر ... مرارة تغص في حلقي وقت السَحَر .
ها انا اليوم اشعل شمعة واسجد على سجادة صلاتي يا ابي داعيا الله لك بالمغفرة وانا من داخلي اكاد اقول لنفسي انك لن تنالها ... اشعل شمعتي الاولى واسحّ معها العبرات الثقال وانا اتذكر هذا اليوم قبل سنتين عندما رحل طيفك الغائب الحاضر الذي اصبح الغائب الغائب عنا ...
وحين اشعل شمعتي الثانية ... اناظر صور طفولتي معك واناظر في عقلي باحثا عن كلمة طيبة منك امسح بها مرارة رحيلك عني وظلمك لي ...
وحين ينسكب الشمع السائل من الشمعة الصلبة ... ينسكب معها قطرات من الدموع تتسائل كيف كانت تبدو سكرات الموت على قسمات وجهك ...

وداعا يا ابي ...

السبت، 1 يناير 2011

بلا عنوان


بدون اعتذارات لاحد ... سأكتب ...

**********************************

ليست الحياة شعلة من الامل ... ليست بسمة رسمتها الوان قوس قزح كأمان من الغرق في حزن سرمدي ... بل هي ظلمة في سبع ظلمات اشتعلت في بحر متلاطم ....


لست املك المزيد من الرغبة للمقاومة !! لم اعد ارغب بان اقاوم الموت !! تعتصرني الاوجاع وتلفني في جسدي قبل قلبي وفي قلبي قبل جسدي والله ما زال في كياني متجذر افنى ولا يفنى لانه الواحد الاحد الفرد الصمد المحيي الذي لا يموت
لا افهم كيف تفعل بي الحياة ذلك ؟ وكيف غرست الله في قلبي في بيت لم يُذكر فيه الله يوما !!؟؟
لم ابتعد لانني تبت مجددا ... لم ابتعد لانني لا اريد ان اكمل الفصول الاربعة التي لم تتعد فصل الخريف بعد !
لم ابتعد لانني المت بي مصيبة ... بل ابتعدت لانني فقدت الرغبة في مقاومة الحياة ...
هذه سطور انثرها عليكم ... لمن ما زال منكم معي ويهمه امري ...
في الحياة ليس هناك ما نحن مضطرين لفعله ولكن هي الحياة التي تضطرنا الى فعل كل شيء ... الله في عرشه وسماواته ارجوه ... مع بداية هذه السنة ارجوه ...
ارجوك يا الله ... يا من آمنت بك ولم أراك ... يا من اخرست عقلي عندما فتنته اقلام الملحدين من اجلك ولست أمّــنُ عليك يا ربي وحاشا لك ... ارجوك ان تسدل على قلبي بسحابة من حبك وعطفك ورضاك يستنثرها عظمي في جميع اوصالي ... ارجوك اشعرني بحبك في وقت لم يعد يحبني فيه احد فانا استغنيت بك !

ملاحظة : الى سارة وعبودي اللذان لا ينفكان بالسؤال علي : احبكما ... كلمة اقولها في اسوء حالاتي وتغني عن الكثير لانها فقط نابعة من القلب ...